Saturday, 30 June 2012

احتفال


احتفال

       وقع خيط القصة في الأرض فنزلت على ركبتيّ أبحث عنه. كان هناك ذلك الاحتفال الوطني، ولم أر إلا الأحذية المستوردة والبيادات.
       على مقعد في قطار قالت لي أفغانية لم تر أفغانستان: "الانتصار ممكن"، تمنيت لو سألتها هل هذه نبوءة؟ بدت تهتهتي بالفارسية كأنها خارجة من كتاب المبتدئين وهي كأنها تلتقطها من خزانة ملابس قُتل صاحبها في حريق.
       لنفرض أن الشعب وصل عن بكرة أبيه إلى الميدان، أن "الشعب" ليس كلمة قبيحة كما أن لا أحد يعرف ما معنى "بكرة أبيه"، إذن كيف حضرت كل هذه الكلاب البوليسية إلى هنا؟ ومن غطى وجوهها بأقنعة ملونة؟  الأهم من ذلك؛ أين سقط الخيط الذي يفصل بين الأعلام والملابس الداخلية، بين الأناشيد والنشيج، بين الله وكائناته التي تمشي على الأرض لتدفع الضرائب.
       "الاحتفال"، كأنني لم أنطق هذه الكلمة من قبل، كأنها خرجت لتوهها من قاموس إغريقيّ، حيث رجع أهالي اسبارطة منتصرين إلى اسبارطة، ولم يجف دم الفُرس على التروس والرماح.
       ربما لم يكن هناك قطارٌ ولا نبوءة ولا أفغانية جلست أمامي لساعتين، أن الله يضلّل ذاكرة مخلوقاته من وقتٍ لآخر ليتسلّى ولكن المؤكد أنني من موقعي بين الأحذية والبيادات لن أعرف مَن بالضبط انتصر على مَن.


من "حتّى أتخلّى عن فكرة البيوت"، دار شرقيات بالقاهرة ودار التنوير ببيروت. ٢٠١٣.

In English
http://www.theparisreview.org/blog/tag/iman-mersal

In Spanish
http://www.revistapingpong.org/2012/05/iman-mersal.html